Monday, June 7, 2010

العاملات الأجنبيات في لبنان: صُوَر «تؤرّخ» يومياتهن



كيف تعيش العاملات الأجنبيات في لبنان؟ جزء من الإجابة سيأتي بالصور في إطار معرض تقيمه منظمة «كفى» ابتداءً من يوم غد. سيكون المعرض مناسبة لإعادة الكلام على وضع هؤلاء العاملات وعلى مشاريع لمساعدتهن قانونياً ونفسياً

زينب زعيتر
تعرضت سوماري، العاملة البنغالية للتحرش الجنسي في المنزل الذي تعمل فيه، مرات عدّة. كانت الشابة الثلاثينية تحاول أن تجد وسيلة لإيصال شكواها، ووضع حد للمضايقات التي تعانيها، فاتصلت بمحامية منظمة «كفى» مهانة إسحاق وطلبت منها المساعدة. خلال النقاشات بين سوماري والمحامية، طلبت منها الأخيرة التروّي ونصحتها بعدم الهرب من منزل مشغّليها، وإلّا فقد يتهمها أصحاب المنزل بالسرقة. عملت سوماري بالنصيحة، فبقيت في المنزل حتى استدعتها النيابة العامة. جرى التحقيق أيضاً مع أصحاب المنزل، بعدما تقدّمت إسحاق بإخبار للنيابة العامة يفيد بعملية التحرش بسوماري، و«بما أنّ القانون لا يقف إلى جانب سوماري بسبب عدم الحصول على دليل واضح للتحرّش، جرى التفاوض مع المدّعى عليه». تقول إسحاق إن سوماري تنازلت عن الدعوى مقابل الحصول على أجرها الذي لم تحصل عليه لشهور، ودفع مشغلوها ثمن بطاقة تسفيرها إلى بلادها، وغادرت لبنان الأسبوع الماضي.
معاناة عدد من العاملات الأجنبيات في لبنان باتت تقلق الناشطين في مجال حقوق الإنسان وجمعيات أهلية لبنانية ودولية، والآن تُدرس تحركات ومشاريع واقتراحات قوانين لوضع حد لهذه المعاناة. من المشاريع المقررة، «لا لاستغلال عاملات المنازل الأجنبيات» الذي تنظمه منظمة «كفى». في المشروع أربعة محاور لتوثيق ومواجهة مجموعة السلوكيات السلبية والنظرة السائدة التي تعانيها العاملات الأجنبيات في لبنان.

سارة بيطار المنسقة الإعلامية للمشروع تتحدث عن المحاور، فتقول إن الأول هو عبارة عن دراسة ستُطلق في 23 حزيران، وقد أعدتها الباحثة سوسن عبد النور تحت عنوان «خادمة في المتناول، ابنة أم عاملة. مواقف أرباب العمل اللبنانيين من عاملات المنازل الأجنبيات». الهدف من الدراسة هو تسليط الضوء على نظرة اللبنانيين، وتحديداً أرباب العمل، تجاه العاملات في المنازل.
أمّا المحور الثاني فتتخلله حملات مناهضة لهذه النظرة وتوعية على كيفية معاملة العاملات، من بينها ورشات عمل مع إعلاميين، ومع قوى الأمن الداخلي وقوى الأمن العام، لتعريف كل هيئات المجتمع بالطريقة الأفضل للتعامل مع العاملات داخل المنازل. ومن المفترض أن يبدأ عمل الورش بعد شهرين تقريباً. ستُوزَّع كتيبات على طلاب الجامعات والمدارس وعلى الطرقات وعلى مختلف الفئات العمرية لتحريك الرأي العام، نُعرّف من خلالها بحقوق العاملات في المنازل.
اللقاءات مع الفئات المستهدفة، أي العاملات الأجنبيات، هو مضمون المحور الثالث. إضافةً إلى اجتماعات دورية تقوم بها منظمة «كفى» مع العاملات للاستماع إلى مشاكلهن وتقديم الخدمات اللازمة، وتمكينهنّ من المطالبة بحقوقهن والوقوف في وجه العنف والاستغلال، إضافة إلى تقديم نشرات إخبارية تُترجم إلى اللغات الأم للعاملات.
المحور الرابع من برنامج العمل، يتمثل بمركز الاستماع والإرشاد، وهو المركز نفسه الذي يستقبل النساء اللبنانيات اللواتي يتعرضن للعنف الأسري. يقدّم المركز منذ تأسيسه عام 2005، عبر فريق عمل متخصص مؤلّف من مساعدات اجتماعيات ومحامين وأطباء ومعالجين نفسانيين، وأطباء شرعيين، خدمات عدّة تنظر في حالات العاملات الأجنبيات في لبنان. يقدّم المركز الدعم والإرشاد والمرافقة الاجتماعية، والاستشارات القانونية والتمثيل أمام المحاكم، إضافة إلى المساعدة في الحصول على تقرير من الطبيب الشرعي، والمعالجة النفسية.
تؤكّد بيطار أنّ عدد العاملات اللواتي بدأن بالقدوم إلى المنظمة لا يتعدى عشرة عاملات، ونسعى إلى تعريف جميع العاملات بخدمات المنظمة.
بما أنّ ما تقوم به المنظمات من مساعدة للعاملات الأجنبيات ليس كافياً في كثير من الأحيان، كان هدف البرنامج، بحسب بيطار «العمل على تعريف العاملة الأجنبية بحقوقها، وكيفية المطالبة بها، ومساعدتها قانونياً على تخطّي جميع أوجه العنف الذي قد تتعرض له».
لكن كيف ينظر القانون إلى وضع العاملات الأجنبيات في لبنان؟
يستثني قانون العمل اللبناني العاملات الأجنبيات من اختصاصه، ما يعني أن هذه الفئة من العاملات تخضع لأحكام قانون التعاقد اللبناني. لذلك أقرّت وزارة العمل عقد عمل موحّداً لعمال وعاملات المنازل المهاجرين لتحديد الأسس وتنظيم العلاقة بين أصحاب العمل والعمال في الخدمة المنزلية، وتحديد الإطار القانوني الأساسي لحقوق كلّ من الفريقين وواجباته. بحسب المحامية مهانة إسحاق، المتابعة للحالة القانونية للعاملات الأجنبيات في مركز الاستماع والإرشاد، فإنّ العاملات يعملن تحت سلطة الكفيل، و«بسبب هذا الاستثناء تسعى منظمة «كفى» إلى إدخال العاملات الأجنبيات ضمن قانون العمل اللبناني. أمّا الهدف الأبعد فيكون بإلغاء نظام الكفالة والسعي إلى وضع مشروع سنّ قانون خاص ينظر في وضع العاملات الأجنبيات في لبنان».
لكن ثمّة ملاحظات عديدة تضعها إسحاق على مضمون العقد، منها أنه «يمكن دفع الأجر نقداً بموجب إيصال خطّي، لكن إذا أُجبرت العاملة على التوقيع من دون الحصول على الأجر فسيكون من الصعب إثبات عدم تسديد الأجر. تُحدد فترات الراحة بموجب العقد ويجوز لصاحب العمل عدم منح العاملة فترة الراحة، بما أنّ العقد لا يحمي العاملة في مثل هذه الحالات. لا يتوافر العقد إلّا باللغة العربية، وهي لغة لا تفهمها العاملة».
تؤكّد إسحاق قائلة: «نتابع الحالة القانونية في المنظمة لأن معظم المشاكل التي تحصل بين أصحاب العمل والعاملات يجب أن تُحلّ بواسطة القانون، والأمثلة على ذلك كثيرة يتمثّل معظمها بالتحرّش الجنسي والعنف الجسدي، وعدم دفع أجور العاملات». تتابع المحامية الشابة: «المشكلة الأكبر التي نواجهها هي عدم الحصول في أغلب الأوقات على دليل أو إثبات على العنف الممارس بحق العاملة، لنتقدّم به إلى النيابة العامة، فآثار الضرب قد تزول سريعاً، أو لا وجود لها».
تتابع إسحاق: «قانون العمل لن يكون كافياً، لكنّه سيساعد في إيجاد بعض الضمانات، كالحصول على إجازة أسبوعية وثانوية، وعدد محدد لساعات العمل، وزيادة في الأجور».
تطالب منظمة «كفى» وزارة العمل بتوسيع نطاق قانون العمل ليغطي عمّال المنازل، وبالسعي إلى إلغاء نظام الوصاية، ووضع شروط أكثر صعوبة لترخيص مكاتب الاستخدام، وتكثيف الرقابة على مكاتب الاستخدام والقيام بالمراقبة دورياً. كذلك تطالب المنظمة وزارة الداخلية بوقف الاعتقال التعسفي، ومنح تأشيرات مؤقتة لعاملات المنازل الأجنبيات لمتابعة قضاياهم في المحاكم، إضافة إلى التحقيق المستعجل في حالات الاستغلال. أمّا تحسين مخططات التأمين لعاملات المنازل الأجنبيات لمنحهنّ غطاءً صحياً أشمل، فهو ما تطالب به المنظمة وزارة الصحة.

معرض يلقي الضوء

تقيم منظمة «كفى» بالتعاون مع المجلس الدنماركي للاجئين، معرض الصور الفوتوغرافية «حياة لا نراها: عاملات المنازل الأجنبيات في لبنان». يُفتتح المعرض غداً الساعة السادسة مساءً في مسرح المدينة ـــــ الحمرا، ويأتي ضمن مشروع «لا لاستغلال عاملات المنازل الأجنبيات».
يستمر المعرض يومياً حتّى 11 حزيران الجاري، من الساعة الخامسة حتّى التاسعة مساءً. الصور بعدسة ماثيو كاسيل، والمعرض يلقي الضوء على جوانب الحياة اليومية للعاملات في لبنان، وتحديداً الجزء الذي لا يعرفه اللبنانيون عن الجوانب الاجتماعية والدينية والشخصية والعملية لحياة هؤلاء، وذلك لأنّه لمعظم اللبنانيين تبدو حياة هؤلاء النساء كأنّها متوقفة على العمل داخل منازلهن، لكن حياة هؤلاء معقّدة أكثر، فهنّ لديهن مشاكلهن وهمومهن داخل لبنان وفي بلدهم الأم. يهدف المعرض إلى إيقاف استغلال العاملات الأجنبيات في لبنان. ويُموّل هذا المشروع المركز الدنماركي للمعلومات عن الجنس والمساواة والعرق.

عدد الاثنين ٧ حزيران ٢٠١٠
عنوان المصدر:
http://www.al-akhbar.com/ar/node/192655

No comments:

Post a Comment