Monday, May 9, 2011

ورشة عمل تمهيداً لصياغة مطالب واضحة: لا تشريع لحقوق النساء العاملات في لبنان

On women workers' rights in Lebanon, including rights of migrant domestic workers.
لا يقتصر التمييز في مجالات العمل في لبنان، على الجندر، فهو حديث لا نهاية له، ومع ذلك، يمكن حصره ضمن فئات ثلاث كبرى: الأولى تتمثل في عدم وجود معايير موحدة داخل المؤسسات لا في التوظيف ولا في التعاقد ولا في العمل المياوم، والثانية تتجسد في عدم تسجيل النسبة الكبرى من العاملين في مؤسسة الضمان الاجتماعي، وتصل تلك النسبة إلى خمسين في المئة، كما يؤكد النقابي أديب أبو حبيب. أما الثالثة فهي التمييز بين الرجال وبين النساء اللواتي تتراوح نسبتهن ما بين سبعة وعشرين وثلاثين في المئة من القوة العاملة.
وقد حاول «التجمع النسائي الديموقراطي اللبناني»، في ورشة عمل نظمها في فندق الكومودور بالشراكة مع «منظمة العمل الدولية»، الإضاءة على حقوق النساء العاملات في لبنان، تمهيدا لصياغتها في مجموعة مطالب، يتم تقديمها إلى المسؤولين، علها تجد مكانا لها في التشريعات اللبنانية.
في بداية الورشة، رأت رئيسة التجمع جمانة مرعي أن «حصول النساء على حقوقهن في العمل هو أمر ضروري، لأنها تساهم في النهوض بأوضاعهن، وتثبت مواقعهن، وتؤدي إلى تعزيز دورهن الإنتاجي، وكسر أدوارهن التقليدية».
وتحدثت ندى الناشف باسم منظمة العمل الدولية، عن دور
المنظمة في تبني حقوق العاملات في اتفاقيات العمل الدولية، وتدريب الكادرات في المؤسسات الرسمية والخاصة على كيفية تطبيق هذه الاتفاقيات التي تشكل بدورها جزءا من مبادرة المكتب الإقليمي للمنظمة في عدد من البلدان العربية.
أما وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال بطرس حرب فقد تناول مشروع تحديث قانون العمل في لبنان، وتبويبه وصياغته، بما يتلاءم والمواثيق الدولية ومبدأ المساواة بين الجنسين. وأوضح أن المشروع رفع إجازة الأمومة إلى عشرة أسابيع، بدلاً من أربعين يوماً، وحظر عمل النساء قبل انقضاء خمسين يوما على تاريخ الولادة، وسمح للمرأة بفترات للرضاعة لمدة ساعة يوميا من أوقات العمل الفعلي. كما تبنى حرب خطة حماية العاملات والعاملين في الخدمة المنزلية من الاعتداءات الجسدية والجنسية وحجز الحرية والتعذيب، مشيرا إلى أن «ذلك ترافق مع إنجاز مشروع إطار لقانون التقاعد والحماية الاجتماعية»، لافتا إلى أن لبنان هو الدولة العربية الوحيدة التي لم تقر القانون بعد.
وفي ظل عدم إجراء دراسات ميدانية عن أوضاع النساء في أعمالهن، سواء كان ذلك في المؤسسات أو في الحرف أو في الزراعة، وردت خلال الورشة نماذج متفرقة عن أوضاع نساء يعانين من التمييز في الأجور، أو من التحرش الجنسي، أو اضطرارهن إلى القيام بأعمال خطرة.
وطغى، في المقابل، الحديث عن التشريعات القانونية التي تحمي المرأة العاملة، فعرض منصور عميرات باسم منظمة العمل الدولية لحقوق المرأة الاقتصادية والاجتماعية في الاتفاقات الدولية، جازماً بأن العولمة جاءت على حساب حقوق العمال في جميع أنحاء العالم.
وأوضح عميرات أن اتفاقية المساواة في الأجور، تنطبق على جميع العمال والعاملات بعد إقرار مبدأ المساواة في الأجر عن العمل ذي القيمة المتساوية. كما تنطبق المساواة بين العمال والعاملات في التقديمات العائلية، وتعويض نهاية الخدمة للعاملة التي تترك عملها بعد زواجها.
وأضاف أن اتفاقية عدم التمييز في الاستخدام والمهنة، تتضمن إضافة إلى عدم التمييز في العرق والجنس واللون، الحماية من جميع أشكال التحرش الجنسي، وعدم التمييز ضد المهاجرين وضد العمال المنزليين.
كما تتضمن اتفاقية حماية الأمومة، إعطاء إجازة أمومة لا تقل عن أربعة عشر أسبوعا، مع تقديم مساعدة نقدية تساوي ثلثي الأجر الذي تحصل عليه المرأة، وضمان عدم اضطرار المرأة الحامل أو الأم المرضعة إلى القيام بأعمال تعرض صحتها أو صحة طفلها للخطر.
لكن عميرات سأل عن قوى التغيير في المجتمعات التي يمكن أن تعمل على إقرار هذه الحقوق، وما إذا كانت المنظمات غير الحكومية التي ترفع هذه الحقوق، تطبقها على العاملين لديها؟
بدورها، أكدت كارولين صليبي، باسم التجمع النسائي، أن اتفاقية «سيداو» شكلت علامة فارقة في تاريخ الحقوق النسائية، «وهي تتضمن التدابير الخاصة بالمساواة بين الرجل وبين المرأة، بغض النظر عن وضع المرأة الزوجي».
وبموجب الاتفاقية، أصبحت الأمومة وظيفة اجتماعية، ليست خاصة فقط بالأم، وإنما يجب مشاركة الأب فيها، كما حظرت الإتفاقية فصل المرأة من الخدمة بسبب الحمل أو الزواج، مع العلم أنه تحصل في لبنان انتهاكات كثيرة على المستوى المذكور. وطلبت الالتفات إلى المشاكل الخاصة التي تواجهها المرأة في المناطق الريفية، وساعات العمل الطويلة التي تقضيها من أجل إعالة أسرتها.
وقالت صليبي إن دولا كثيرة لا تزال تتنصل من مسؤولياتها تجاه النساء العاملات، بحجة التقاليد والخصوصية الثقافية والاجتماعية: «وفي لبنان أدت قوانين الأحوال الشخصية إلى تحفظ الحكومة على المواد الخاصة بالأحوال الشخصية في الاتفاقية». ودعت الحكومة إلى «تنزيه قوانينها الخاصة بالمساواة بين المرأة وبين الرجل في العمل، بعد توقيعها على الإتفاقية». ولفتت إلى عدم وجود تشريعات حتى الآن في لبنان، تحمي المرأة من التحرش الجنسي في العمل. مشروع مساواة في الأجر والتقديمات على مستوى مشروع قانون العمل الجديد، أعلن النقابي أديب أبو حبيب أن اللجنة التي كلفها الوزير بطرس حرب، وهو من ضمن أعضائها، بإجراء التعديلات على قانون العمل، خصصت خمس مواد للنساء، انسجاما مع الاتفاقيات الدولية والتطورات الحاصلة في علاقات العمل، كما خصصت قسما منفصلا بعمل الأحداث.
وجاء في المادة 35 من المشروع: تسري على النساء العاملات جميع الأحكام القانونية المنظمة للعمل من دون تمييز أو تفريق في العمل لجهة نوعية الأجر ومقداره، وشروط التوظيف والترقية والترفيع والتأهيل المهني، على أن يحظر تشغيل النساء في الأعمال الخطرة، أو الشاقة، أو المضرة بوظيفتهن البيولوجية للحمل والأمومة، كما يحظر استخدامهن للعمل تحت سطح الأرض في أي منجم.
وتقول المادة 36: يحظر تشغيل النساء ليلا أيا كانت أعمارهن في أي مؤسسة صناعية، إلا بموافقة صريحة من صاحب العلاقة، شرط وجود الضمانات الكافية في المؤسسة من حيث السلامة والصحة المهنية، على أن يستثنى من الحظر المؤسسات السرية والنساء اللواتي يشغلن مراكز مسؤولة ذات طابع إداري أو تقني، والنساء العاملات في خدمات الصحة والرعاية الاجتماعية والحالات الناتجة عن الظروف القاهرة، والحالات التي يقتضي العمل فيها استخدام مواد أولية في طور المعالجة وتكون عرضة للتلف السريع.
وفي المادة 37، يجوز في المؤسسات الصناعية تشغيل النساء ليلا على أن تحقق وزارة العمل من طبيعة العمل الليلي ومدته ومن وجود الضمانات المذكورة في المادة السابقة.
وتوجب المادة 38 أن تُعطى للنساء العاملات إجازة أمومة متواصلة مدتها عشرة أسابيع تشمل المدة التي تسبق الولادة والتي تليها، ويحظر على صاحب العمل السماح للنساء بالعودة إلى العمل قبل إنقضاء خمسين يوما على تاريخ الولادة، كما يحظر تشغيل المرأة الحامل ساعات إضافية خلال فترة الحمل ولمدة ستة أشهر بدءا من تاريخ الولادة، ويسمح للمرأة المرضع بفترة أو فترات للرضاعة مجموعها ساعة واحدة يوميا، تعتبر من أوقات العمل الفعلي.
وتوجب المادة 39 أن يطبق تعويض الأمومة المنصوص عليه في قانون الضمان الإجتماعي تستفيد الأجيرة من كامل أجرها طيلة الأسابيع الأولى من إجازة الأمومة وثلثي الأجر للمدة المتبقية أي ثلاثة أسابيع.
وبحسب المادة 40، يجب توفير دور الحضانة في المؤسسات التي تستخدم عددا كبيرا من النساء، إما من قبل صاحب المؤسسة بمفرده، أو بالإشتراك مع مؤسسات أخرى. 250 ألف عاملة منزل في لبنان تعتبر المشاكل التي تواجهها عاملات المنازل من أكبر مشاكل العمل في لبنان، نظرا لضخامة حجم الوافدات، وقد أعلن المحامي رولان طوق المتخصص في قوانين الأجانب، عن وجود تقديرات تفيد بوصول عدد العاملات إلى مئتين وخمسين ألف عاملة، لذلك، توجد ضرورة قصوى لاستحداث قوانين تحميهن، وليس فقط عقد عمل موحد، بالإضافة إلى تخصيص محامين للدفاع عن حقوقهن، كونهن لا يعرفن لغة البلد ولا قوانينه. لكن، قبل ذلك، تجب معرفة أرقام العاملات: من يعمل منهن بأوراق ثبوتية، ومن يعمل من دون أوراق عمل، ومن يعمل بشكل حر، بالساعات.
وأشار إلى أنه في بلد يتلاعب فيه الناس بالألفاظ، تم تخصيص يوم عطلة أسبوعية للعاملة، ولكن لم يتم التوضيح بأن تكون العطلة خارج المنزل، وإلا فما معناها إذا بقيت العاملة بين أربعة جدران؟
كما تم ربط العاملة الأجنبية بشخص صاحب العمل، أي الكفيل، ما يشكل انتقاصا من حقوقها وحجزا لحريتها، مشيرا إلى أن «الكفيل هو مفهوم وجد في الخليج، وأشبه بالعبودية، لأنه مقابل تأمين الحماية القانونية للعاملة، يتم التحكم بوجودها كليا». وتناول نظرة المستخدمين للعاملات واعتقادهم بأن العاملة، عندما تخرج من المنزل، سوف تتحول إلى عاهرة، مع العلم بأنها امرأة ولديها مشاعر ورغبات. 16 % من النساء الفلسطينيات عاملات على خلاف عاملات المنازل، أوضحت مديرة «جمعية النجدة الاجتماعية» ليلى العلي أن العاملات الفلسطينيات لسن وافدات، وإنما لاجئات ووجودهن في لبنان قسري.
واستندت إلى الدراسة التي أعدتها الجامعة الأميركية مؤخرا لصالح منظمة الأونروا، واتبعت فيها معيار منظمة العمل الدولية الذي يتم بموجبه إحصاء كل شخص في سن العمل ولم يعمل وليس كل شخص يريد العمل ولم يجده.
وتبين الدراسة أن عدد الفلسطينيين المقيمين في لبنان يتراوح بين 260 و280 ألفاً، تقطن نسبة اثنين وستين في المئة منهم في المخيمات، ونسبة اثنين وثلاثين في تجمعات محيطة بالمخيمات. وتبلغ نسبة النساء الفلسطينيات المقيمات في لبنان أكثر من نسبة الذكور، وهي 53 في المئة، بينما لا تتجاوز أعمار نصف المقيمين تقريبا خمسة وعشرين عاما، أي أنهم فئة فتية، ومع ذلك، تبلغ نسبة العاطلين عن العمل بينهم 56 في المئة.
وبحسب دراسة أخرى للنجدة الاجتماعية، لا تتجاوز نسبة النساء الفلسطينيات العاملات 16 في المئة، من العدد الإجمالي للنساء، بينما تبلغ نسبة حملة الشهادات بينهن خمسين في المئة، والنسبة الأكبر من النساء يعملن في مؤسسات منظمة الأونروا والمؤسسات الأهلية العاملة في المخيمات ومحيطها ومدرسات في المدارس، بالإضافة إلى قسم يعمل في مهن يدوية والتجارة. ورأت أن المعوقات الأساسية أمام عمل الفلسطينيين في لبنان هي حرمانهم من تملك منشأة تجارية أو مكان عمل عدا عن السكن، وتمييزهم على أساس الهوية والجنس والأجر وساعات العمل، ووجودهم في بيئة عمل غير آمنة.

No comments:

Post a Comment